أثارت إجراءات تجنيد شباب من أبناء محافظات جنوب اليمن، في معسكر زايد، بمحافظة عدن، بدأت – بحسب مجنّدين – قبل ثلاثة أيّام، الكثير من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيّد ومعارض.
وعلى الرغم من امتناع جهات رسمية في “التحالف العربي” عن التعليق على الموضوع، وما إذا كان تجميع الشباب وتدريبهم في عدن يتمّ تمهيداً لإلحاقهم بحرس الحدود السعودي في منطقة نجران، التي تشهد مواجهات ضارية بين جماعة “أنصار الله” وقوّات سعودية منذ بداية الحرب، خلّفت العديد من القتلى والجرحى من الجانبين؛ إلّا أن مصدراً مقرّباً من مركز القرار السعودي قال، لـ”العربي”، إن “عملية التجنيد يقوم بها تاجر كبير من أبناء الجنوب، ولم تكن بقرار سعودي رسمي”.
وأشار المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن “المملكة قادرة على إعلان النفير العام، وستجد في معسكراتها عشرات الآلاف من المتطوّعين من الشباب السعودي، مستعدّين للدفاع عن أرضهم”، مؤكّداً أن “جبهة نجران قوية، وبإمكان الجيش السعودي صدّ أيّ هجوم قد تنفّذه المليشيات الحوثية على الحدود السعودية”.
رسالة إيجابية
المحامي والقياديّ في الحراك الجنوبي، يحيى غالب الشعيبي، اعتبر عملية التجنيد لشباب جنوبيّين، وضمّهم إلى قوام قوّات حرس الحدود السعودي، “إيجابية، وتؤسّس لثقة متبادلة وعلاقة مستقبلية متينة بين الجنوب والمملكة العربية السعودية”. ولفت الشعيبي، في تصريح لـ”العربي”، إلى أن “الأشقّاء السعوديّين والإماراتيّين سقط عدد من أبنائهم شهداء في عدن وباب المندب ومناطق عدّة بالجنوب، دفاعاً عن أرض الجنوب، واليوم السعودية تستعين بمن لديه الرغبة من أبناء الجنوب، أكرّر بمن لديه الرغبة، ليلتحق بالتسجيل ضمن جيشها وحرس حدودها برواتب ومزايا لمن يرغب”.
وتساءل الشعيبي مستنكراً: “لا أدري ما هي المشكلة هنا؟ وما وجه الاعتراض لدى البعض وتحفّظهم على هذه الخطوة التي أعتبرها إيجابية؟”. وتابع “شخصيّاً، أعتبر أن ثقة المملكة بشباب الجنوب للمشاركة بحماية أراضيها، اليوم، رسالة إيجابية للمستقبل”.
ويدعم أمين سرّ مجلس المجلس الأعلى في الحراك الجنوبي، ناصر الفضلي، بدوره، “بقوّة، هذه الخطوة”، معتبراً إيّاها “اللبنة الأولى في الطريق الصحيح لتعزيز الشراكة مع دول التحالف والسعودية تحديداً، ولا تندرج في أيّ إطار آخر يسعى أعداء الجنوب لتوظيفه، خشية من التقارب الجنوبي السعودي”.
تشكيك
في المقابل، يشكّك عدد من المهتمّين في خلفيّات العملية برمّتها، موضحين أن الجهة التي تمّ تكليفها بتدريب الشباب “ليست قريبة من قوى الحراك الجنوبي، ويشوب علاقتها أيضاً بالجانب الإماراتي فتور كبير، وهذا دليل آخر على أنّها ربّما تُصنّف كقوى محسوبة على أطراف مقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين”. في هذا السياق، يرى الناشط من عدن، بسّام المفلحي، أنّه “ببساطة شديدة، يجب أن يفهم الأشقّاء أن السرّ في تفوّق المقاومة الجنوبية وانتصارها يكمن في طبيعة العقيدة القتالية، التي استبسل تحت رايتها الجنوبيّون، والمتمثّلة بالمشروع السياسي الوطني الجنوبي، وحقّهم في استعادة دولتهم”، مضيفاً أن “الأمر سيختلف كثيراً حال تمّ تجنيد الشباب الجنوبيّين في نجران، والدافع الأوّل بالنسبة لهم مالي بالمقام الأوّل”. وينبّه المفلحي إلى أن “القتال بالأجر اليومي وبدافع المخصّصات والمزايا المالية وصفقات السلاح والعطايا، سبق أن جرّبه أشقّاؤنا في التحالف ولا زالوا مع إخواننا في مقاومة الشمال، وهو ما لم يمكّنهم، حتّى الآن، من تجاوز عقبة نهم”.
و يوجّه المفلحي، في ختام حديثه، رسالة لمن يؤيّد فكرة تجنيد الشباب الجنوبيّين ضمن حرس الحدود السعوديّ، بقوله “باقي قليل ويقولوا لنا أن الشباب ذولا هم الطرف الثالث الذي قصده جون كيري في تصريحه الأخير، وهم من سيتسلّم سلاح الحوثي وصالح”، مضيفاً “عيب عيب… استحوا، اخجلوا، لا تتاجروا بعيال الناس (الضباحا) وتستغلّوا حاجتهم، والذي يريد يدافع عن أرض الحرمين يتقدّم الصفوف هو أوّلاً”.
ذهاب مشروط
العميد في الجيش الجنوبي (السابق)، علي عبيد هادي، أيّد الفكرة بالعموم، مشترطاً لتنفيذها التالي: “أن تتمّ عملية التجنيد برعاية وإشراف قيادة السلطة المحلّية في عدن، ممثّلة بمحافظ العاصمة، اللواء الزبيدي، ومدير الأمن، اللواء شلّال شائع، كي لا يشوبها أيّ شائبة”، وأن يكون “قادة القوّة المرسلة من الجيش الجنوبي، فهم أقدر على فهم وتسيير المجنّدين الشباب الجنوبيّين من غيرهم”، وقبل ذلك، أن يكون “الطلب السعودي واضحاً وفي النور”.
ويبدي هادي استعداده وآخرين لـ”الانضمام إلى قوام هذه القوّات التي سيتمّ نشرها في منطقة نجران السعودية، تحديداً على الشريط الحدودي مع اليمن”، مختتمًا سلسلة الشروط بأن “تضمن السعودية عدم حشر الجنرال علي محسن أنفه في العملية، أو أن يقوم بزيارة الجبهة للتصوير حال تحقّق النصر، وحال تمّت الموافقة على هذه الشروط سنكون جميعنا مع المملكة في الخطوط الأمامية”.
وينهي العميد الجنوبي تصريحه، لـ”العربي”، بالتشديد على “أن استراتيجية مواجهة الحوثيّين يجب أن تتغيّر، وعليها إذا أرادت النصر أن تطبّق النموذج الناجح المجرّب؛ الفرد بالفرد واقتحام المواقع، كما فعلت مقاومة الضالع في معركة تحرير المدينة، وهذه الطريقة في القتال هي الوسيلة المثلى لتحقيق النصر”.
من جهته، يشير العقيد طيّار، عبد الله السعدي، إلى أن “الكثير من المصادر الموثوقة تؤكّد صحّة الخبر” متمنّياً، قبل هذا، “الاعتراف بالجنوب ككيان مستقلّ، ليتمّ حفظ كرامة من سيقاتلون في نجران، ولكي يعبّر الجنوبيّون عن رغبتهم في ردّ الجميل، لكن بهذه الطريقة أرى أنّها مرفوضة، وبالأخير سيتمّ احتسابهم ضمن جيش المقدشي وعلي محسن”.
وتسير عمليّات التدريب والتجنيد في معسكر زايد، بمديرية دار سعد، بوتيرة عالية، على الرغم من أن العدد المسجّل هناك ليس بالكبير، بحسب مجنّدين.
وامتنع كثيرون، ممن هاتفهم “العربي”، عن إبداء رأيهم بالأمر، متعلّلين بأن العملية ليست رسمية، ولم تعلّق بشأنها أيّ جهات تابعة لـ”التحالف العربي”، على الرغم من أن التدريبات تتمّ منذ ثلاثة أيّام في معسكر مدعوم من قبل “التحالف”، شمال محافظة عدن.